الصفحات

الثلاثاء، 10 مايو 2016

الرئيسية أدبية النص الكرامي: كتاب" تحفة المغترب ببلاد المغرب" أنموذجا

أدبية النص الكرامي: كتاب" تحفة المغترب ببلاد المغرب" أنموذجا









أدبية النص الكرامي: كتاب" تحفة المغترب ببلاد المغرب"

( لمن له من الإخوان، في كرامات الشيخ أبي مروان ) أنموذجا.

إعداد الباحثة: فاطمة الزهراء داود.


مقدمة:
     لقد بقيت الكرامات الصوفية ولفترة قريبة غير معترف بها كظاهرة أدبية تستحق الدراسة، بل عدت مجرد نصوص قصيرة خرافية تحمل بعداً دينياً ليس إلا، على الرغم من أن الاطلاع عليها يبين التداخل الواضح بينها وبين أنواع أدبية أخرى، كالسير والخرافات والأساطير، وهو ما جعلها تقتحم المجال الأدبي وتعود للظهور بقوة خاصة في العصر الحديث؛ حيث أسهمت في تشكيل الرموز الشعرية، وبناء الشخصيات الروائية، كتجربة جديدة من شأنها إقحام القارئ في عوالم أسطورية عجائبية، لتعبر عن رؤية المبدع المغايرة للكون.
    ثم إن الكتابات الصوفية الكرامية، بقدر ما تعكس التطلعات الأخلاقية والتربوية، أو التوجهات الفكرية لأصحابها، فإنها تلقي الضوء على أوضاعهم المعيشية، وظروفهم الاجتماعية والسياسية، ومن هنا يتضح سبب التقاء كل الباحثين في مختلف العلوم الاجتماعية، من الصوفي إلى المؤرخ، مرورا بالسوسيولوجي والأديب والسيميائي وغيرهم، في العناية بهذا الإنتاج الصوفي، ومحاولتهم، كل من موقعه، فهم خصوصية التجربة الصوفية الأندلسية المغربية خصوصا وتحليلها.
   ثم إن تأليفا في  كرامات الأولياء مثل "تحفة المغترب، ببلاد المغرب" لأحمد الأزدي القشتالي، و"المستفاد في مناقب العباد" للتميمي، أو "التشوف إلى رجال التصوف"  الزيات التادلي، أو"المقصد الشريف" لعبد الحق البادسي...أو غيرهم، لا يمكن أن ينطلق من فراغ ثقافي وروحي، وإنما يتأتى من خلال استيعاب معين للفكر الصوفي وتشبع به، واستثمار لقواعده في بناء منهج لكتابة تراجم الأولياء، وتتبع أخبارهم. ثم إن الكتابة الصوفية عامة، والمناقبية خاصة، ليست أداة لتشخيص وضعيات خارجية فقط، وإنما هي تجربة في حد ذاتها، وهذا ما يحس به القارئ، وهو ينتقل من كرامة إلى أخرى من كتاب: "تحفة المغترب، ببلاد المغرب" لأحمد الأزدي القشتالي، الذي وقع عليه اختيارنا موضوعا للدراسة والتحليل. وقد تناولناه بالدراسة من الجانب الأدبي، وذلك من خلال التزام المنهجية والتحليل، ورصد لخصائصه الأسلوبية شكلا ومضمونا.


المبحث الأول: نمط الكتاب :
يمثل كتاب <<تحفة المغترب، ببلاد المغرب، لمن له من الإخوان، في كرامات الشيخ أبي مروان>>"لأحمد بن إبراهيم بن يحيى، الأزدي القشتالي[1]"، نصا مناقبيا على غاية من الأهمية. وإذا كان بعض الباحثين كالأستاذ "جورج فايدا"[2]، قد صنفوا كتاب القشتالي ضمن المؤلفات التاريخية، فمن المؤكد أنه ينتمي إلى صنف "الترجمة الإخبارية"، التي تقصد إلى رصد ما يتعلق بالشخصيات التي لها وجود بارز في بيئتها، إما علما، أو أدبا، وإما سياسة ووجاهة، وإما صلاحا وبركة، إلا أنه ليس هناك نمط واحد لكتابة الترجمة، فأصنافها تتعدد بتعدد مواضيعها. وقد ميز أحد الباحثين بين خمسة أصناف من الترجمة على الأقل. ففي أي صنف ندخل كتاب "التحفة"؟
قد نبادر إلى القول بأن كتاب "التحفة" يدخل ضمن "الترجمة الصوفية"، ويقترب من "الترجمة البرنامجية"، ذلك أنه من الجائز جدا أن نصنفه في خانة "الترجمة البرنامجية". التي "يصوغها الرجل لشيخه خاصة، فيستقي موادها من مواقفه الخاصة، ومن معاينته للمترجم به، ومشاهداته له في العموم". فالقشتالي ترجم في تحفته لشيخه الذي تتلمذ على يده، وسافر معه، وأقام بصحبته...إلخ... أي إننا نجد به نفس المستويات التي نجدها في "بغية الراغب، ومنية الطالب" لعتيق الأنصاري، الذي "عرف فيه أحوال رجاله الذين روى عنهم، وذكر أخبارهم، ومناقبهم، ومراتبهم في العلم، وسيرهم، وأخلاقهم، وأسند عن جمهورهم أحاديث وحكايات، وأناشيد وأدعية وطرفا مستطرفة[3]".       
إلا أن "التحفة"، هو أقرب إلى الترجمة الصوفية، أو المنقبية التي يصوغها المؤلف بقصد تقريب المترجم به، في إطار انتمائه إلى رجال التصوف أو ممارسته له، فتركز موادها على ذكر كرامات ومناقب المتصوف، وعبادته، ومواقفه ،وأقواله ،ومعاملته للشيوخ والمريدين.     
والملاحظ أن التصنيف الذي أورده أحد الباحثين للترجمات، يستند على عنصر أساس ألا وهو القصد الواعي، والغاية المفصح عنها من التأليف. وغياب هذا العنصر، يقرب الكتاب أشد القرب من الترجمة المناقبية، أو كتب المناقب بصفة عامة، التي يتحدد موضوعها الأول، وليس قصدها، ببسط "سير الصلحاء وتراجم الأولياء، مع التوسع في ذكر كراماتهم ومناقبهم"[4]
وبناء على ما سبق، فإنه لا يمكننا تشبيه "التحفة" بكتب البرامج أو الفهارس، أو كتب الطبقات أو معاجم الشيوخ، كما لا يمكننا تشبيهه بكتاب في التصوف، ولو أنه يحتوي على بعض المعلومات حول المذهب. إن التحفة غير قابل للتصنيف النمطي، بما أنه يقترب من كل هذه الأصناف، دون أن يندرج تحت أي واحد منها.
فالمعلومات التي يقدمها المؤلف حول شيخه العارف بالله، تسمح عموما برسم الصورة الروحية لشخصيته، وفي بعض الأحيان تسمح بتتبع مسار حياته الروحية والصوفية.
ولأن الكتاب يدور حول كرامات الشيخ الصالح" أبي مروان، بن إبراهيم، بن بشر القيسي، اليحانسي[5]، الأندلسي الأصل". المتوفى سنة سبع وتسعين[6]، والمدفون بمقبرة أحجار السودان[7] بمدينة سبتة، فإننا نلاحظ بأن أغلبية الكرامات التي يتضمنها "تحفة المغترب" لا تنحو منحى الغلو، ولا تنطوي على كثير من مظاهر خرق العادة. وقبل تصنيف هذه الكرامات، لابد من تقديم مفهوم الكرامة، بشكل عام.
1-    تعريف الكرامة :
الكرامة كالأسطورة، لم تمت في المجتمع العربي الراهن، وما تزال تطل بالإنسان على الأمل، وتمتزج بالبطولة الدينية، وتترك العنان للخيال، وتربط الفرد بالمطلق وتشرب من المعتقدات الشعبية، فتجتاف الأسطورة والخرافة والمثل الشعبي واللغز، وتحتضن رواسب ومعتقدات قديمة، وتصورات وطقوسا واحتفالات وموضوعات سحيقة، ورموزا أو ظواهر طبيعية، ومواسم فصلية.[8]
والكرامة عموما ليست مجرد مشاهدات سحرية أو ظواهر خرافية، بقدر ما هي عطاء صادق للواقع جاءت بمثابة تعرية له، وإذا كانت تبدو في الظاهر رواية مقتضبة أو حكاية خيالية، فإنها في العمق ظاهرة كلية متعاضدة مع النظم والمعتقدات الاجتماعية، غير أنها في الغالب الأعم خطاب غير مباشر، يعتمد على الرمز للإفصاح عن جملة التطلعات والهواجس الخفية.[9]
ومفهوم الكرامة، هو معنى لغوي قبل أن يصير اصطلاحا صوفيا وأدبيا، والكرامة لغة: حسب ما جاء في لسان العرب، من "كرم الرجل كرما وكرامة"[10]. الكرامة إذن بحسب كلام ابن منظور هذا، مصدر فعل كرُم، مرادف للكرم، والصفة منه الكريم. فلابد للكرامة أن تصدر من الكريم وأن يكرم بها كريما عليه. وقال ابن منظور أيضا: والكرامة اسم يوضع للإكرام، كما وضعت الطاعة موضع الإطاعة، والغارة موضع الإغارة.[11]
والكرامة اصطلاحا: على الرغم من كثرة التراث الصوفي وغزارته، فإن الصوفية لا يميلون إلى تحديد مفهوم الكرامة إلا قليلا. فالقاشاني مثلا في كتابه "اصطلاحات الصوفية"، لا يورد إطلاقا هذا المصطلح ضمن الاصطلاحات التي ضبطها في كتابه. أما أكثر الصوفية، فيميلون إلى تمييز الكرامة عن المعجزة والاستدراج. قال أبو القاسم القشيري (465هـ) "ولابد أن تكون هذه الكرامة أمرا ناقضا للعادة في أيام التكليف، ظاهرا على موصوف بالولاية، في معنى تصديقه في حاله"[12].
إن الكرامة عنده هي حدث أو أمر مقترن بعنصرين اثنين كبيرين: خرق العادة، أو مناقضة العادة، بتعبيره، ثم الانتساب إلى شخص موصوف بالولاية، أو بطل كرامي. ذلك أن الكرامة لا تكون من غير حدث، بل حدث خارق، كما لا تكون من غير بطل، بطل ولي، لأنه لو صدر الفعل الخارق من غير موصوف بالولاية، بتعبير القشيري، كانت معجزة أو استدراجا أو سحرا أو نيرنجات أو شعبذة[13]، كما قال ابن قنفذ، الذي يشترط صحة الولاية، شرطا أساسيا لصحة الكرامة، وقد اعتبرها أبو مدين مكملة لمعجزات الرسول، صلى الله عليه وسلم[14].
لن ننتظر من الصوفية ولا من علماء الكلام، أن يضبطوا لنا مفهوم الكرامة ضبطا جنسيا، لأن هذا لم يكن يعنيهم في شيء. غير أنه يمكننا أن نستفيد مما كتبوه عنها مع ذلك[15]، حيث ينقل القشيري عن القاضي أبي بكر الأشعري قوله: "إن المعجزات تختص بالأنبياء، والكرامات تكون للأولياء"[16]، والفرق بينهما فرق جزئي، هو دعوى النبوة وعدمها. غير أن الكرامة إذا افتقد بطلها أو صاحبها سمة الصلاح، صارت شيئا آخر يسميه الكلاباذي مخادعة. قال: وجوز بعضهم أن يرى الله أعداءه في خاصة أنفسهم وفيما لا يوجد شبهة، ما يخرج عن العادات، ويكون ذلك استدراجا لهم وسببا لهلاكهم.[17]
وتمثل الكرامة سمة من أبرز السمات المميزة للتجربة الصوفية. وهي في غرابة أحداثها أقرب ما تكون إلى القصص العجيب والخارق، لولا المعجم الروحي، والموعظة الدينية اللذان يتخللانها[18]. وقد أجمع أئمة التصوف على أن الكرامة هي الأمر الخارق الذي يظهره الله، عز وجل، على عبد مؤمن ظاهر الصلاح[19] في دينه، متمسك بطاعة الله في أقواله، مستقيم الطريقة في تصرفاته، غير مقرون بدعوى النبوة[20]. ووقع التعبد بتصديق وقوعها، وصدرت أنواعها من ألوف الصالحين، من لدن عصر الصحابة حتى يومنا هذا.
وهي ثابتة عند الصوفية في أصل الكتاب والسنة. ومنها على سبيل المثال، قوله تعالى في قصة مريم: { كلما دخل عليها زكرياء المحراب وجد عندها رزقا. قال يا مريم أنى لك هذا. قالت هو من عند الله. إن الله يرزق من يشاء بغير حساب[21]}. وقصة أصحاب الكهف وغيرها، مما في كتاب الله، أو في سنة رسوله، صلى الله وعليه وسلم، أو سير الصحابة، رضوان الله عليهم، وكرامات الصحابة كثيرة.[22]
وقد أثار فقهاء العصر الوسيط مسألة الكرامة، وخاضوا في غمار الجدل الذي وقع بين مؤيد ومنكر لها، ومن أهم من تصدى لهذا الإشكال ابن رشد الجد (-520هـ) الذي قال بصحتها، ووجوب التصديق بها، معللا ذلك بإجماع أهل السنة والجماعة. بل ذهب إلى حد اتهام المنكرين لها بالجهل، والضلالة والبدعة.[23]
وتمثل الكرامات جانبا متميزا في الرحلة الصوفية، وعنصرا بارزا من عناصرها الطريفة، فهي آيات الله الثابتة التي منحها لأوليائه لمواجهة أعدائهم، ونعمه الفاضلة التي يسبغها على محبيه لتثبيت أفئدتهم، وترسيخ إيمانهم. وهي هبات ربانية يكرم الله بها أولياءه، لتسكين قلوبهم وتقوية يقينهم، وتحدي المنكرين عليهم، وقهر الظالمين، وتقريب الراغبين، فتتجلى لهم بأنوارها حقائق علوية، وأسرار حقيقية، لا يفهمها غيرهم، وتتحقق على أيديهم خوارق عجيبة لا يطيق حملها سواهم[24].

2-    أنواع الكرامات الواردة في الكتاب:                          
يمكننا حصر الكرامات التي أوردها القشتالي عن شيخه في قسمين اثنين: كرامات حسية، وكرامات معنوية[25].
أ‌-     الكرامات الحسية[26] : وهي المشتهرة عند عامة الناس، المتمثلة في خرق العوائد من الأمور العادية[27]:
من قبيل طي الأرض[28]، وخرق حدود الزمن[29]، بما في ذلك مثلا الانتقال إلى الأماكن البعيدة في وقت قصير[30]، والحج كل سنة، واستدرار الغيث، ورؤية الأولياء الطائرين[31]، والمشي على الماء[32]، والتنبؤ بقدوم المطر[33]، وإخراج الماء من الأرض[34]، وإمطار السحابة في موضع واحد في فصل الصيف[35]...
ومن قبيل إبراء العاهات، وشفاء المرضى (من إنسان وحيوان)، وإبراء المجانين [36]، مما علق بهم من جني أو شبح، وترويض الحيوانات المتوحشة[37]، والتنبؤ بجنس المولود وصلاحه[38]، والكلام في الخاطر[39]، والاطلاع على ما تخفي الضمائر، من قول أو فعل[40]، وتسليط النكبات والأمراض على المعتدين[41]، محادثة الموتى وهلاك الأعداء،[42] واستجابة الدعاء[43]، ومعرفة الطعام الذي فيه شبهة[44]، والتنبؤ بالمستقبل، كالإخبار بموعد وفاته[45]، أو بقدوم شخص ما... الخ.
ب‌-    الكرامات المعنوية[46] :  ولا يعرفها إلا الخواص من عباد الله، ولا شك في أن أبا مروان كان أحدهم، حسب "تحفة المغترب". وتنبني على حفظ آداب الشريعة، والتوفيق في إثبات مكارم الأخلاق واجتناب سفاسفها، والمحافظة على الصلوات في أوقاتها، والمسارعة إلى الخيرات، وإزالة العلل والحقد من الصدر[47]، وتطهير القلب من كل صفة مذمومة ، ومراعاة حقوق الله، في النفس وفي الأشياء.
 والكرامات المعنوية دليل لصاحبها على استقامته وقربه من الله، عكس الكرامات الحسية التي ليست دليلا على بلوغ صاحبها مقام الولاية[48].
وتؤدي الكرامة عدة وظائف، لا تختلف في سماتها عن وظائف المعجزات، فهي ترعى القيم الإسلامية وتنشرها بين الناس، عبر ما يسند للأولياء والمربين من أعمال خارقة، وينسب إليهم من أعمال جليلة، مثل الدفاع عن العقيدة وحمايتها، مما يهددها من أخطار داخلية وخارجية، وغيرها من الوظائف التي كانت تؤديها المعجزات في فترة النبوة. وهي تجدد السنة النبوية، وتجعلها حاضرة على الدوام في سير الشيوخ والأولياء وأخبارهم وكراماتهم، وهي بالإضافة إلى ذلك، تؤرخ لأبطال التصوف، وترفعهم إلى مستوى المثال والقدوة الحسنة، وتجعل أخبارهم حاضرة باستمرار في وجدان الجماعة الإسلامية.[49]
المحور الثاني: مصادر الكتاب ومرجعياته:
1-    مصادر الكتاب :
       أ)- المصادر المباشرة والمصادر الخفية:
قدم صاحب " تحفة المغترب" مائة وأحد عشر[50] خبرا عن شيخه. وهي أخبار لا مصدر لها سوى المؤلف نفسه ورواته، من خلال الوقوف على أنواع المصادر المعتمدة في جمع الأخبار ونقلها. ونلاحظ بأن القشتالي استقى معلوماته من مصادر متنوعة يمكن تصنيفها في خانتيين: المشاهدة المباشرة، والرواية الشفوية :
*- المشاهدة والمعاينة :
وهو مصدر المشاهدة والمعايشة المباشرة العيانية للحدث، من قبل المؤلف للشيخ المترجم به. ويمثل هذا المصدر أكثر من نصف الأخبار التي يضمها الكتاب. وهو مما يعطيه بامتياز خاصية الأصل الذي لا مصدر له سوى شهادة مؤلفه، إذ اعتمد القشتالي على صلته الشخصية المباشرة في نقل أخبار المترجم له. فمنذ بداية فصول الكتاب، تظهر لنا علاقة القشتالي وطيدة وحميمة مع شيخه الذي تتلمذ على يده، وتردد على مجالسه، ووقف على أحواله.
وقد أورد أحمد القشتالي أخباره مسبوقة بضمير المتكلم، وبأشكال متعددة من نوع  (حدثني[51]) (سمعت منه[52]) (جالسته[53])...الخ. وقد أدمج القشتالي في شهاداته (الخبر)، وأثبت ( الحوارات) التي دارت بينه وبين شيخه، واستشهد بأقواله وحكمه، وقارنها بما اختزنته ذاكرته من مشاهد ومواقف، وما اكتسبته ثقافته من معلومات ...الخ، كما دعمها المؤلف بما استقاه من شهادة رواية الآخرين، وذلك في أغلب الكرامات التي أوردها في تحفته.
وقد بلغت رواية المؤلف المباشرة مداها الأقصى في عدة فصول، حيث يؤكد القشتالي قائلا: (ما شاهدته ليلة بلورسانة[54]، كنا معه بالمنيال من يُحانِس[55]، إني كنت معه بجامع وادي آش [56]، إني كنت معه بارينتيرة[57]، ذلك ما شاهدته منه[58]، سمعته مرارا يحدث[59]...)، ولامجال للتشكيك في روايات القشتالي هذه، لأنه يستحيل وضعها على محك المقارنة، إلا أنه من المشروع أن نرتاب في بعضها، خاصة عندما يتطرق القشتالي إلى ذكرياته البعيدة في أنحاء البلاد العربية، والمدن الأندلسية، والمغربية. وذلك أن الذاكرة قد تخونه في بعض الأحيان. وهذا أمر طبيعي عند القشتالي، وقت تأليف "لتحفته" في أخريات حياته.
*- الرواية الشفوية:
الرواية ذات السند المباشر:
وتكون مسبوقة بقوله ( أخبرني فلان، قال). والملاحظ أن أغلب رواة القشتالي في هذا المستوى تربطهم علاقة حميمة بشيخه، (صحبة: حدثني هو وغيره من صحبة[60]، حدثني هو وجماعة من أصحابه[61]) (خدمة: كانت مريم خادم الدار[62]) أو من أقاربه وذويه (زوجته بنت عمه[63] – إحدى بناته[64])، بل إن هذه الرواية يبلغ توثيقها درجة المشاهدة المباشرة، وتحديدا عندما يتعلق الأمر بنوع خاص من مخبري المؤلف، حينما يستقي أخباره من الشيخ نفسه، كما يقول الكاتب: (حدثني رحمه الله[65] – قال رحمه الله[66]- قال رضي الله عنه[67]- قال الشيخ أبو مروان[68] –الشيخ رحمه الله حدثني[69]...).
أو حينما يتعلق الأمر بشهادة شيخ كان تربطه بأبي مروان صحبة أو رفقة أو خدمة. ومثال ذلك (حدثني أبوجعفر الشيرولي[70] – حدثني أبو عبد الله السكان[71]، خديمه أبو إسحاق بن عيشون[72]- حدثني أبو القاسم بن جودي[73] – حدثني الحاج عبد الملك الجزيري النجار[74]...).
رواية دون مصدر محدد:
ونسبتها محدودة، وقد وردت بصيغة ( حدثني هو وغيره من صحبته[75]، حدثني غير واحد من أهل آش[76]- حدثني أصحابه من أهل أرينتيرة[77] – أحد معارفه[78]، وكان من أقربائه[79]...).
وهي أخبار كان القشتالي يريد إما أن يلقي بمسؤولية صحتها أو عدمها على الآخر، أو إن مضامينها كانت متداولة وشائعة بين الناس، وهو الأمر الذي يجعلها من قبيل اللامشكوك في صحته، كما توحي بذلك صيغة (حدثني غير واحد من أهل آش[80] ) وهو مما يدل على أن القشتالي كان يتحاشى الاعتماد على المصدر الوحيد، وقد يلجأ لاستخدام صيغ اليقين ودلالاته، عندما لا يفصح عن هوية رواته، مثلما نجد في صيغ من قبيل (حدثني هو وغيره من صحبته [81]– حدثني أصحابه[82]...).
وعموما فإننا نجد القشتالي يحاول إثبات صحة معلوماته، بإسناد أخبارها إلى صاحبها، وتحديد ملابسات الرواية، مثل الإشارة إلى مكان تلقي الخبر وتاريخه. مثل: ( مشيت في خدمته، رضي الله عنه، من واد آش إلى بلدة يحانس، عام سبعة وأربعين وستمائة[83] – كنا معه بالمنيال من يحانس[84] )، وذكر بعض الصفات الخاصة بالمخبرين، بما يثبت بعض مميزاتهم الدينية والعلمية مثل: (يقول القاضي أبو الحسن بن حسان رحمه الله[85] – الفقيه الخطيب أبو عبد الله بن الفقيه[86] – واعظ يعرف بالبلذوذي[87]...).
لقد أخذ القشتالي أخبار الشيخ عن كثير من الرواة، منهم أفراد من عائلته، وأصحابه، وأشخاص عاديين، لا نعثر على أثرهم في كتب التراجم والطبقات المعروفة والمتداولة، بل إن المؤلف انفرد بذكر بعضهم في " تحفة المغترب". وبذلك، يرجع الفضل إليه في إحياء ذكراهم، إذ لا يعرفون إلا عن طريقه.

     ب)- المصادر الكتابية :
إذا كانت مادة كتاب" تحفة المغترب، ببلاد المغرب " أصلا لا مصدر له سوى القشتالي ورواته، فمن الطبيعي ألا نعثر فيه على ذكر للمصادر المدونة التي قد تكون اعتمدها مؤلفه، فالقشتالي لم يجد أمامه أي تأليف خاص عن الشيخ أبي مروان، لينقل عنه أو يستعين به، وهو يدون أخباره، فهو كان يطرق ميدانا بكرا، لا نعرف أن  أحدا سبقه إلى طرقه، لذا فهو لم يعتمد على أي مصدر كتابي وهو ينقل لنا كرامات شيخه.
2  -الإطار المرجعي للكتاب:
أما على مستوى الإطار المرجعي للكتاب، فقد اعتمد المؤلف على مرجعيات متعددة، في إطار عرضه لكرامات الشيخ "أبي مروان اليحانسي". ويمكن أن نلتمسها من خلال:
مرجعية دينية: وذلك من خلال استلهام أصول الثقافة الإسلامية، المتمثلة في المصادر التشريعية الأولى؛ القرآن الكريم والسنة النبوية. فنجد القشتالي مرارا يستدل بآيات من الذكر الحكيم، وأحاديث الرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم، لإضفاء المصداقية، ومن أجل تعضيد كلامه وهو ينقل لنا أخبار شيخه.
مرجعية صوفية كرامية: وتقوم على استيحاء التراث الصوفي، واعتماد مبادئه في التعبير الأدبي النثري، وذلك عن طريق عرض سلوك المتصوف العارف بالله، ونهجه الزهدي التقشفي في حياته، الذي يهدف إلى تنقية النفس ظاهرا وباطنا من المخالفات الشرعية، وتعمير القلب بذكر الله، ومراقبته وخشيته ورجائه، والسير في العبادات والأعمال، على النهج الشرعي طبقا للسنة الشريفة، وتصفية القلب وتطهيره من الأدناس، والورع في الدين، وترك ما يريد، إلى ما لا يريب، مع الإكثار من العبادات والذكر، وعدم الغفلة عن الله، وصون الوقت مخافة ضياعه فيما لا يفيد، ومحاسبة النفس على الأنفاس... والمقصود من ذلك التخلق بأخلاق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
مرجعية تاريخية: كما اعتمد القشتالي على مرجعية تاريخية، من خلال حديثه عن مشاركة الشيخ الفعالة في الجهاد عن ثغور غرناطة، محرضا المسلمين على التصدي للعدو المشترك، فهو يبدو من خلالها بطلا دنيويا، لا يقل دهاء أو شجاعة عن الأبطال التاريخيين، فقد عاش في عهد حاسم وحرج، وهو عهد انقراض دولة الموحدين وفتنة ابن هود، ونشوء ملك غرناطة، وترسخه على يد محمد ابن الأحمر. ونجد من خلال صفحات هذا الكتاب، "أبا مروان"، وهو يدافع عن دعوة (محمد بن يوسف الخزرجى[88]) المعروف بابن الأحمر، مقاتلا النصارى، أو مهاجما دعوة ابن هود وعامله ابن الرميمي[89]. ونرى كذلك كيف أن السلطان النصري الأول، وفد إليه في لحظة حرجة، طلبا منه أن يعينه بدعواته المجابة[90]. ونشهده وهو يستنفر الجموع، ويحشد الحشود في شمال أفريقيا، للدفاع عن الدولة النصرية الفتية. وهي صورة تنسجم في عناصرها العامة، مع ما عرف به هذا الشيخ من استقامة وحنكة، ودهاء سياسي وحسن تدبير. فكان يساهم بدور فعال في المحافظة على التوازن الاجتماعي، فكان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ولا يتوانى في الدفاع عن الحق ونصرة المظلومين. وكل ما يميزه عن الأبطال الزمنيين، أنه ينتصر باستمرار، ولا يعرف الخذلان في المعارك التي يخوضها، سواء حضرها أو لم يشارك فيها. ولا يعتمد في انتصاراته على القوة المادية أو كثرة الجيوش، ووفرة العدة، وإنما يعتمد على الدعاء والإيمان الصادق والتوكل وصدق النية[91].
مرجعية تربوية إصلاحية: من الثابت عموما أن التصوف يترسخ ويشتد عوده إبان الأزمات[92]، فالتصوف إيديولوجية أزمة أنتجها مجتمع متأزم[93]، حين يدب الضعف والوهن في كيان المجتمع، وتحدث الفتن وتنشب النزاعات، ويتفشى الظلم والطغيان. يصبح تدخل الأولياء آنذاك بديلا ضروريا لإعادة التوازن، وحسبنا دليلا على هذا الارتباط، هو ما قاله ابن الخطيب عن المتصوف أبي العباس السبتي، الذي نراه ينطبق جيدا على أبي مروان: بأنه "كان مستغاثا به في الأزمات".
فظهور الأولياء والمتصوفة رهين بوجود التناقضات التي طبعت المجتمع، لذا تجده يهم بإصلاح المجتمع الذي طالته أيادي الفساد، وإصلاح أحوال الفرد والجماعة. ويعتمد القشتالي في تحقيق هذه الغاية، على تمجيد الآداب الصوفية، والإشادة بها، والدعوة إلى الالتزام بها. من خلال عرض المبادئ التي يقوم عليها التصوف، ودعوة السالكين الالتزام بها، والتحلي بالصفات النبيلة، والخصال الحميدة، والمثل العليا.
مرجعية أدبية: القشتالي لم يتشوف إلى أن يكون أديبا أو مسطرا، أو مؤرخا، لكن اعتماده على السرد الأسطوري[94] كان واضحا، وهو يسرد لنا كرامات شيخه التي لا تعد ولا تحصى، والتي تنبني على إبراز الجوانب الخارجة في حياته، وإظهار تميزه عن الخلق، وقربه من الحق.
وخلاصة القول، فهذه المرجعيات ليست منفصلة عن بعضها في الكتابة النثرية، ولكنها متداخلة فيما بينها، تداخلا بحيث يصعب الفصل بينها، أو تمييز بعضها عن الآخر. لأنها تشكل وحدة وتلاحم الكتاب، وذلك لموسوعية الثقافة الصوفية، خاصة المغربية الأندلسية منها، وتداخل مستوياتها.
المحور الثالث: طرائق العرض:
1-    منهجية العرض :
إن كتاب "تحفة المغترب ببلاد المغرب" لم يؤلف ببادية منعزلة، ولا بموضع ناء مهجور، إنما ببلاد الأندلس العالمة، التي كانت مركز إشعاع علمي، ووجهة كل المثقفين، بفضل ثقل أطرها المحلية وغير المحلية.
ولعل القشتالي قد ألف كتابه في سن متقدمة من عمره، وأودعه مشاهداته، وما اختزنته ذاكرته من أخبار حول شيخه، أبي مروان اليحانسي. وتأليفه هذا جاء استجابة لطلب جماعة من الإخوان[95]، بجمع كتاب يضم كراماته وبعض مكاشفاته. فوطد العزم على ذكر ما بلغه من أخباره، وفضائله وأوصافه، بحسب ما شاهده، أو ما انتهى إليه علمه، وبلغته معرفته وطاقته. كما أنه رأى في جمع ذلك، إحياء لذكراه ونشرا لفضائله... الخ، وقد تحرى في نقل ذلك عن أهل الثقة والأمانة والصلاح، فضلا عن مشاهداته وسماعاته.
وعلى الرغم من بحثنا الحثيث بين صفحات الكتاب، فإننا لم نتمكن من وضع اليد على نهج القشتالي في جمع مادته وعرضها. ومن خلال ما وصلنا من هذا الكتاب، يمكن القول بأن القشتالي لم يرسم في ذهنه خطة واضحة، وهو يجمع أخبار شيخه. وتبعا لذلك فإنه أورد هذه الأخبار، بتلقائية تغلب عليها الفوضى .
لقد قسم القشتالي كتابه إلى مائة وأحد عشر فصلا، وكل فصل له عنوان مؤلف من سطرين مسجوعين[96]، ونلاحظ أن هذا السجع في أكثر الأحيان، متكلف أو غامض مبهم. والفصول تختلف في حجمها صغرا أو كبرا، وهي بلا نظام ظاهر. مع أنه يبدو واضحا أن المؤلف لدى تعرضه في فصل ما لموضوع معين، يتبعه بفصل أو فصول أخرى بينها علاقة أو تشابه. وأحيانا تتوارد الفصول تبعا لتوارد خواطر أملتها ذاكرة المؤلف، ولكنه ليس ثمة أي تسلسل تاريخي أو نظام جغرافي محدد. وحينما ينتقل من فصل إلى آخر، فهو يسترسل في إيراد كرامات الشيخ دونما ضابط معين.
كما أن القشتالي يذكرنا في خاتمة الكتاب بالشرط الذي التزمه، والقاضي بجعل الإيجاز والاختصار غايته الأساسية، وهذا لفظه: {هذا ما حضرني من كرامات الشيخ أبي مروان، نفع الله به وبأمثاله، وتداركنا الوقوف عند أمره والتوفيق لامتثاله، وصلى الله على سيدنا محمد، نبيه الكريم وآله، ولو        استقصيت الأخبار من أصحابه وتبعتها، وبالغت في طلب الروايات وأشبعتها، لما حصرتها في ديوان ولا أوسعتها، ولكني لم أقصد إلا إلى الاختصار، ولذلك مني على ما في حفظي اكتفاء واقتصار[97]...}.
إلا أنه لم يحترم دائما هذا الشرط، فقد أطلق العنان لقلمه في بعض الأخبار والكرامات، كما نجد الفصل الأول[98]، (وهو أوسع فصل في الكتاب) والفصل السابع وعشرين[99]. كما اتخذ المؤلف بعض الاحتياطات والتحري، في إيراده لأخبار شيخه، وكراماته وأحواله. ملتزما بألا يودع في كتابه أشياء يمكنها أن تكون عونا للمنكرين، على" الوقوع في أولياء الله تعالى"[100].
2-    اللغة والأسلوب:
يبدو أن القشتالي لم تكن له مواهب أو اهتمامات أدبية، بقدر ما كان يريد أن يوصل لقارئه المعلومات حول الشيخ، أبي مروان اليحانسي[101]. بالتصوير الواقعي، عن طريق ذكر أخباره، وقصص حياته وكراماته، وفي كثير من الأحيان، نجد أن هذه الكرامات تروى بأسلوب سهل وبسيط، بعيدا عن كل صقل أو تكلف. أو تحكى بكلام شبه عامي، شديد الشبه بالحديث الشفهي[102]. ينخفض أحيانا إلى مستوى اللهجة العامية الدارجة. خاصة عندما ينقل الحوار الجاري على ألسنة العامة الذي نتبين من خلاله ملامح اللهجة الغرناطية العامية[103]، وأمثلة ذلك كثيرة ندرج منها: (شطت لي درهمان [104]- اطلع إلى الدار[105] - ساباط [106]- السُخْرَة [107]- قلُة فارغة[108] - وضع شَاشْ عْلام[109] - وُلْدْ الحاج[110] - نْعاس[111] - خَلهْ [112]- وُلْدْ فْطيمة السواقة[113] - مْشْوُط[114]...).
حتى إنه ليخيل إلينا في بعض الأحيان، أن تلميذ أبا مروان أملى كتابه هذا شفهيا.
وهذا لا يعني أن المؤلف لا يستعمل المواعظ، التي يختم بها معظم فصول الكتاب، سجعا متكلفا: (فانظر تعتبر، ولا تدخل على أولياء الله، لتمحص وتختبر[115]- نعوذ بالله من تسليط بلائه، وغضب أوليائه، والازدراء بأداء واجب نعمائه، فكل أمر بقدره سبحانه وقضائه[116]- من راعى الأوقات في طاعة إلهه، روعي في مثل هذا وأشباهه[117]...).مما ينم عن ثقافته الفقهية الواسعة.
كما يحضر المعجم الصوفي، من خلال توظيف مجموعة من المصطلحات الصوفية  سواء تلك المتعلقة بروابط التلمذة، مثل:(أخوة[118]، صحبة[119])، أو بالخصال الروحية: (إرادة[120]، زهد[121]، ورع[122])، أو بالإدراكات: (الخاطر[123]، المكاشفة[124]) وغيرها ...
وقد اعتمد في ذلك على أسلوب خبري محظ، تتخلله بعض الأساليب الإنشائية، التي أتثت جوانب الكتاب. نذكر منها:
أ- الاستفهام:
- ما طرأ في عقلك؟[125]
- أليس على البحر يمشى للحج؟[126]
- متى قل لك أنا ذلك؟[127]
- أفنادق هي الزوايا؟[128]
- من ساق هذا؟[129]
- كيف يكون فضلك يا كريم؟[130]
- أتدري من أين هو؟[131]
ب- الأمر: ردوه له [132]- اطلع إلى الدار[133]- انزل حتى تفطر معنا[134]- قم فاذهب إلى المغرب[135]- أسهم[136]- دعني[137]...
ت- النفي: لم يتعاظم ذلك عندي[138]- لم ير الناس مثله[139] - لم يبق مني[140]...
ث- النهي: لا تأكل هذا الطعام[141]- لا يأكل الخبز[142]- لا بكثرة الأوامر[143]- لا يحل لي في ديني[144]- لا يأوي صاحبه[145]...
ج- التعجب: إن النفس فيك لمتعجبة ![146]
لقد أعرض القشتالي عن طبع أخبار شيخه بأسلوب عالم، وهو يهم بنقل أخباره وكراماته، من التداول الشفوي، إلى التدوين الكتابي. ولكن هذا الأسلوب، لا يخل بقيمته الأدبية، ولا يضر بجمالية التعبير. لأنه يقدم لنا معطيات في عفويتها، بأسلوب حي متدفق كثير الشواهد، كما يتجلى ذلك، في كثير من الاستطرادات وحوارات الأشخاص.
أكيد أن أسلوب القشتالي لم يرق أبدا إلى أسلوب من يصطنع الأدب، أو يحترفه. إلا أنه يصبح في بعض الأحيان، أسلوبا متينا متماسكا ومتدفقا. وذلك عندما ينهل من قاموس المصطلح الصوفي وخاصة في تقديمه لصفات شيخه.
إن إرادة الابتعاد عن التجريد والاقتراب من الواقع، كانت محكومة على ما نعتقد بمتلقي الكتاب، فالقشتالي لم يكن يتوجه به قطعا إلى خواص القوم، من فقهاء وأدباء وكتاب، ومن هم على شاكلتهم. أو إلى الشيوخ المتمكنين، ومن هم في معناهم. بل كان يتوجه به إلى عامة الناس، مما حتم عليه تبني الوضوح والمباشرة، والابتعاد عن الغموض والإبهام.
في هذا المستوى، لا يخرج عن طبيعة أسلوب غالبية الكتب المناقبية الأخرى، سواء المغربية منها أو المشرقية[147].


المحور الرابع: الاتساق والانسجام :
يشكل كتاب <<تحفة المغترب>> وحدة دلالية منسجمة، وبنية متكاملة متماسكة. وما الجمل إلا وسيلة تحققت من خلالها نصوصه، كما أنه يتوفر على خاصية كونه نصا، باعتماده على مجموعة من الوسائل اللغوية، التي تخلق نصيته، وتبرز أدبيته، حيث ساهمت هذه الوسائل بقدر وافر في وحدته الشاملة.
ويعد الاتساق والانسجام في النص، عنصرين من أهم عناصره، التي لا يقوم بدونهما. ولا يمكن تصورهما بمعزل عنه من ناحية أخرى[148]. فالفصول تنتظمها جمل مترابطة ومنسجمة، ونجد أن هذا الترابط والانسجام، قد تحقق عن طريق:

1-    أدوات الربط بين الجمل:

وهي عبارة عن ألفاظ أو تراكيب، تقوم بمهمة الربط بين أجزاء الجملة الواحدة، أو بين جملتين متتاليتين، أو بين الفقرات التي يتشكل منها النص، ويكمن دورها في حسن صياغة الكلام و الترابط بين الأفكار.
ويحفل كتاب <<تحفة المغترب>> بعدد كبير من هاته الأدوات، التي ساهمت بقدر كبير في اتساقه وانسجامه، نخص بالذكر:
أدوات العطف: الواو: التي أفادت الجمع والاشتراك، بترتيب أو بغير ترتيب[149].
الفاء[150]وأفادت الجمع والترتيب والتعقيب، بغير فاصل زمني .
ثم[151]: أفادت الترتيب أيضا.
أو[152]أفادت التخيير[153] .
أم[154]أفادت الاستفهام، و طلب التعيين.
بل[155]أفادت الإضراب، (لأنها نفت ما قبلها و أثبتت ما بعدها).
+ لكن[156]: أفادت التعارض والاستدراك.
+حتى[157]: أفادت انتهاء الغاية.
لما[158]: أفادت الظرفية الزمانية.
+روابط وأدوات النفي: لم[159]حرف نفي وجزم وقلب.
لا[160]النفي.   
لن[161]حرف نفي ونصب واستقبال.
ليس[162]النفي.
لابد[163]دلت على الضرورة، والاضطرار لفعل أمر ما.
+روابط الحصر: إ نما[164]: أداة حصر.
ما[165]: كافة (حرف زائد مبني على السكون لا محل له من الإعراب).
+روابط التفسير: فاء[166] (التفسير)-أي[167](التوضيح).
+الروابط الاقتضائية: يجب[168]...
+روابط الاستشهاد والتمثيل: كما[169](التي وردت في ضرب الأمثلة، والاستشهاد. لتقريب الصورة، ودعم الفكرة).
+الروابط الظرفية: أمام[170]،هناك[171].
+روابط الجواب: نعم[172]،بلى[173]،لا[174].(الإجابة بالقبول أو النفي).
+روابط الاستثناء: إلا[175]، (استبعاد المستثنى من الحكم).
+روابط المقابلة، الاستدراك والتعارض: لكن[176]، أما[177](معارضة ما قبل).
+روابط الشك و الترجيح: ربما[178]، (إمكانية الحصول).
+أدوات الربط الدالة على السبب والنتيجة: بفضل[179]، فاء السببية[180](التعليل).
+أدوات الربط الدالة على التعليل أو ما شابه: لام التعليل[181]، حتى[182]...
+أدوات الربط الدالة على التوكيد: إن[183]...
+أدوات الشرط: مهما، لو[184]...
+أدوات دالة على مخالفة الواقع: رغم[185]، برغم[186].
2-     الإحالة :
الإحالة علاقة دلالية، لا تخضع لقيود نحوية، بل لقيد دلالي. وهو وجوب تطابق الخصائص الدلالية، بين العنصر المحيل،  والعنصر المحال إليه. لأن العناصر المحيلة كيفما كان نوعها، فهي لا تكتفي بذاتها من حيث التأويل. إذ لا بد من العودة إلى ما تشير إليه، من أجل تأويلها[187]. وتنقسم الإحالة إلى قسمين اثنين:
+إحالة نصية: والتي تتفرع بدورها إلى :
 -إحالة قبلية: والتي تحيل إلى السابق، وذلك باستحضار اسم دون ذكره، من خلال (الهاء)العائدة عليه. مثل: ملكه[188]، خاطره[189]، قوله[190]...
 -إحالة بعدية: والتي تحيل إلى اللاحق. مثل: من حافظ حوفظ عليه[191]...
+إحالة مقامية: والتي تساهم في خلق النص، لكونها تربط اللغة بسياق المقام، وتساهم في اتساقه بشكل مباشر. ووسائل الاتساق الإحالية ثلاثة، وتتمثل في :
-الضمائر: هم[192]، أنت[193]، نحن[194]، وكذا ضمائر الملكية، مثل: أمي[195]، فمي[196]، قولي[197]...
-أسماء الإشارة: هذا[198]، هؤلاء[199]، أولئك[200]...
-أدوات المقارنة: (المقارنة العامة، التي تعبر ألفاظها عن التشبيه ): مثل...[201]
المحور الخامس: الأساليب الحجاجية
1-     بُعدا المقارنة والتشبيه:
إذا كان القشتالي قد تربى في كنف شيخه، العارف بمقامات التقوى والورع والزهد[202]. وأورد كراماته في مؤلفه بطريقة لا تخضع لضابط زمني، أو جغرافي محدد، فإن إحدى الخصائص الجوهرية في منهجية "التحفة"، تتمثل في إلحاح مؤلفه، على بعدي المقارنة والتشبيه. فقد استعملها القشتالي بكثرة، وفي أكثر من موضع ومناسبة. فالمقارنة تأتي في سياق تشبيه سلوك المترجم له، ببعض الأحوال والمقامات التي شاهدها، أو عاشها أو سمعها عن بعض المتصوفة، أو ما احتفظت ذاكرته بها. فهو كثيرا ما ينبهنا إلى أن هذا السلوك أو ذاك، يذكره بما جاء في أقوال الحكماء، أو الحديث النبوي، أو بالسلف، والتابعين، أو بسيرة المتصوفة. ليس هذا فحسب، بل وقد اعتمد على التشبيه وهو يصف إشراقة وجه أبي مروان، كما نجد في الفصل الأحد عشر، في قوله "يتلألأ كالقمر[203]".
كما أنه لم يقتصر على المقارنة فقط من أجل إبراز صفات الشيخ الشبيه بسلوكات بعض المتصوفة، وهنا ينبغي أن نشير إلى المعلومات التي أوردها المستشرق الإسباني، ميجيل اسيين بلاتيوس، والتي تفيد "بأن اليحانسي كان مثل ابن مشيش، شيخا لأبي الحسن الشاذلي في مقتبل عمره[204] ".
بل كان لبعد المقارنة دور حاسم في الإقناع، وهذا ما نلمسه بجلاء في الفصل الثالث، وهو يحادث القاضي أبا الحسن بن حسان، الذي أنكر كرامات  الأولياء. بدعوى أن الصحابة أحق بها وأولى، فنجد الشيخ أبا مروان، يقارن بين معجزات الرسول، صلى الله عليه وسلم، التي حجبت بروز كرامات الصحابة المتعددة، ولفظه :{مع المعجزات أين تظهر، وضوء القمر مع شعاع الشمس كيف يبصر، وأي كرامة أجل من رؤيتهم للنبي، عليه الصلاة والسلام[205]...}.
ويبدو أن القشتالي قد لجأ إلى أسلوب المقارنة ليس فقط للإضافة والتكميل، أو للمزيد من الإيضاح والإبانة وللتأييد والتقوية. كأن يؤكد على معنى من المعاني، في سلوك المتصوفة. أو التمثيل له بما يؤكده، أو لإثبات مكاشفاته وتزكيتها بالأمثلة والمقارنة، وإنما كذلك للتأكيد على البعد السني في هوية الشيخ.
أما المجالات التي استقى منها المؤلف أمثلته الخاصة بسيرة أبي مروان، فهي مرتبطة بفضاء تحرك الشيخ ذاته، وهي الأندلس والمغرب، والمشرق الإسلامي. وهذا الأمر إن كان يؤشر على شيء، فإنه يدل على عمق التأثير المغربي والمشرقي، في التكوين العلمي والروحي للقشتالي. وعلى ما بين الحركة       الصوفية في الأندلس والمغرب، من تأثير عميق ومتبادل. فتلك التشبيهات، لم تكن بريئة دائما، وإنما كانت وسيلة التجأ إليها المؤلف، للتأكيد على مكانة متصوفة الأندلس والمغرب، وعلو باعهم في ميدان التعبد والزهد ومجاهد النفس .
         2- الاستشهاد بالقران الكريم، والحديث النبوي:
لقد ورد الاستشهاد مررا بآيات من القران الكريم، في الفصل الأول[206]، والثاني عشر[207]، والعشرين[208]. والاثنين والخمسين[209]، والثمانين[210].
كما استشهد القشتالي في مواضع أخرى بالحديث النبوي، أو بمعانيه. وهذا ما نجده في الفصل السابع[211]، والفصل السابع والعشرين[212]، والاثنين والأربعين[213]، وسبعة وخمسين[214].
ومن الملاحظ عندنا نزوع القشتالي إلى الاستشهاد بالقران الكريم، أكثر من الحديث النبوي. وهذا الأمر ليس مستغربا من رجل اشتهر قبل كل شيء بكونه فقيها، ثم محدثا. وتأتي هذه الاستشهادات في سياق التأكيد على سنية سلوك شيخه، في كل أشكاله وموصفاته. وأن مواقفه لا تزيغ عن النهج الإسلامي النبوي، ولا تنحرف عنه. إن توظيف المعطيات الدينية من قرآن وحديث، وأقوال السلف من الصحابة والمتصوفة، هي ظاهرة  لا ينفرد بها القشتالي وحده دون غيره، لكنها تدخل في إطار تقليدي، درج عليه هذا الصنف من المؤلفات، ويرمي إلى البحث عن مشروعية الموضوع المتناول. وبناء على ذلك فإن المادة تستخدم لأجل إقامة الحجة على صحة موضوعها، ومكانتها في السياق الثقافي العام[215]. أما الشعر، فقد استشهد به في الفصل الأحد عشر، من خلال قصيدة واحدة ووحيدة في الكتاب كله، وهي في رثاء أبي مروان (من الكامل ) مطلعها :
ولى أبو مروان فذً زمانه  *****  فغدا بأطباق الثرى مستودعا[216]
وكلها في ذكر شمائل اليحانسي، والحزن على فراقه.
وقد نرى في هذه الشواهد الأدبية، مجرد استطرادات. إلا أنها استطرادات هادفة، وعنصر هام في الكتابة اقتضته طبيعة الموضوع، مثل القطع النثرية والأمثال.
وخلاصة القول، فإن القشتالي مثله مثل غيره، كابن الزيات والبادسي والتميمي. قد نهج في " تحفته" نهجا يتسم بالواقعية، ويصطبغ بالصبغة العلمية. فقد اعتمد على الأدلة النظرية المجردة، ولم يلجأ أبدا إلى الاغتراف من النظريات الصوفية. وإنما استند على المثل الحي، والأفكار الواضحة، والمعروضة بسهولة. واعتمد على النماذج البشرية، ولم يقدم لنا خطابا مجردا. وإنما وضع أمام أعيننا أمثلة حية، عن القدوة الحسنة، المستمدة من نصوص القرآن الكريم. وحياة الرسول، صلى الله عليه وسلم، وسيرة الصحابة والتابعين، رضوان الله عليهم. ومن المسلك الطيب في حياة هؤلاء، الذين كانوا يعاصرونه من شيوخ ومتصوفة. وحينما كان يتعلق الموضوع بالتدليل على سلوك معين، والبرهنة على موقف محدد، فإن القشتالي لم يكن يتجاوز إطار هذا النهج الواقعي، كأن يذكر بالآية الكريمة التي تشهد له، أو بالحديث النبوي الذي يدعمه، أو بأقوال العباد أو الصحابة، أو بأعمالهم، التي تجسد ذلك وتعبر عنه. أي إنه دعم خطابه بدعائم مستمدة من القران الكريم، والحديث الشريف، والحكم والأمثال، والشعر والآثار...
نظرا لما تلعبه هذه المقومات، من دور محوري في الخطاب الصوفي[217].






المصـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــادر
- القرآن الكريم.       
- اختصار الأخبار، عما كان بثغر سبتة من سني الآثار، لمحمد بن القاسم الأنصاري السبتي. تحقيق   عبد الوهاب بن منصور. المطبعة الملكية. الرباط. 1403هـ/1983م.
الأنيس المطرب بروض القرطاس في أخبار ملوك المغرب و تاريخ مدينة فاس، لعلي ابن أبي زرع الفاسي، مراجعة عبد الوهاب بنمنصور. المطبعة الملكية.الرباط.1420هـ/1999م.
 تحفة المغترب، ببلاد المغرب، لمن له من الإخوان، في كرامات الشيخ أبي مروان،لأحمد بن إبراهيم الأزدي القشتالي. تحقيق فرناندو دي لا جرانخا. منشورات المعهد المصري للدراسات الإسلامية. مدريد 1974م.
 التشوف، إلى رجال التصوف، وأخبار أبي العباس السبتي، لأبي يعقوب، يوسف بن يحيى التادلي ابن الزيات (-628هـ). تحقيق أحمد التوفيق. منشورات كلية الآداب و العلوم الإنسانية بالرباط. سلسلة نصوص ووثائق ع. 1. 1404هـ/1984م.
  - حاشية أبي العباس، سيدي أحمد بن محمد ابن حمدون ابن الحاج، لأبي زيد عبد الرحمان المكودي. إشراف مكتب البحوث و الدراسات ،بدار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع. بيروت. 1421هـ/2001م.
 المستفاد، في مناقب العباد، بمدينة فاس وما يليها من البلاد، لأبي عبد الله، محمد بن عبد الكريم التميمي الفاسي. تحقيق محمد الشريف. منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية. تطوان. 2002 م.
  - شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك. لبهاء الدين، عبد الله بن عقيل العقيلي الهمذاني المصري. تحقيق محمد محيي الدين الحميد. دار التراث - القاهرة، دار مصر للطباعة، سعيد جودة السحار وشركاه. 1400 هـ - 1980 م.4أجزاء.
  لسان العرب، لأبي الفضل، جمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور الإفريقي المصري. دارصادر للطباعة و النشر. بيروت. 2004. 15 مجلدا.
   الفهرسة، لابن عجيبة. تحقيق عبد الحميد صالح حمدان. منشورات دار الغد العربي. القاهرة. 1990.    


المراجــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع
- بالعربية:
 - أبو الوليد ابن الأحمر، لعبد القادر زمامة .دار المغرب للتأليف والترجمة والنشر. الدار البيضاء.1398هـ/1978م.
- الأسطورة المغربية، دراسة نقدية في المفهوم والجنس، لجعفر ابن الحاج السلمي، منشورات الجمعية المغربية للدراسات الأندلسية. تطوان .1423هـ/2003م.
 - الإسطوغرافيا والأزمة، دراسات في الكتابة التاريخية و الثقافية. للجمعية المغربية للبحث التاريخي تنسيق عبد الأحد السبتي. منشورات كلية الآداب الرباط.1994.
 - أعمال ندوة الشيخ أحمد بن عجبية، المفكر والعالم الصوفي. منشورات جمعية تطاون أسمير.تطوان.2006. 
 - التصوف الإسلامي في الأدب و الأخلاق، لزكي مبارك. المكتبة العصرية للطباعة والنشر صيدا.بيروت.2002.
إيقاظ الهمم، في شرح الحكم، لأحمد بن محمد بن عجيبة الحسني. منشورات المكتبة الثقافية. بيروت.1982.                                
- التصوف بين الإفراط و التفريط، لعمر عبد الله كامل. دار ابن حزم للطباعة والنشر والتوزيع. بيروت. 1404/1984 .
- التصوف والقصص، رصد لسمة التصوف في القصة المغربية القصيرة- من أواخر الأربعينيات، إلى بداية الألفية الثالثة، لخالد أقلعي. منشورات اتحاد كتاب المغرب، بتعاون مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان.البيضاء.2012.
الحركة الصوفية و أثرها، أدب الصحراء المغربية (1800-1956 )، لمحمد الظريف، منشورات كلية الآداب و العلوم الإنسانية المحمدية. الدار البيضاء.2002.
لسانيات النص، مدخل إلى انسجام الخطاب، لمحمد الخطابي. المركز الثقافي العربي. الدار البيضاء.2002.  
المغرب و الأندلس في عصر المرابطين، المجتمع –الدهنيات-الأولياء؛ لإبراهيم القادري بوتشيش، منشورات الجمعية المغربية للدراسات الأندلسية.2004.
- معجم مصطلحات نقد الرواية، لمصطفى زيتوني. منشورات مكتبة لبنان ناشرون.بيروت.2002.                           
 - بالأجنبية:    
.
-Hagoigaphie et religion au Maroc medieval، par; Halima ferehat et  Hamid Trikihesperis Tamuda.XXVI.1986.
-indexgeneral des manuscits arabes musulmans de la bibiotbéque.G.vajda  nationale de paris.paris.1953.
-Les modéles d’ écricture des manaqib maghrébines.in Histoire et linguistique par H.touati .cood.A.sebtiRabat1992.




تحفة المغترب، ببلاد المغرب، للقشتالي:6.[1]
indexgeneral des manuscits arabes musulmans.G.vajda691:[2]
- المستفاد في مناقب العباد، للتميمي:166. [3]
- نفسه:165.[4]
تحفة المغترب، ببلاد المغرب، للقشتالي:9. [5]
- الأنيس المطرب، لابن أبي زرع:532.[6]
- اختصار الأخبار، لابن القاسم الأنصاري:25.[7]
الأسطورة المغربية، لجعفر ابن الحاج السلمي:153.[8]
- المغرب و الأندلس في عصر المرابطين، لإبراهيم القادري بوتشيش:140.[9]
- لسان العرب، لابن منظور:12/150.[10]
الأسطورة المغربية، لجعفر ابن الحاج السلمي:163 ؛ لسان العرب،لابن منظور:12/510.[11]
الأسطورة المغربية، لجعفر ابن الحاج السلمي:163-164 .[12]
- نفسه:164.[13]
الإسطوغرافيا والأزمة، للجمعية المغربية للبحث التاريخي:28.[14]
الأسطورة المغربية، لجعفر ابن الحاج السلمي:165.[15]
التشوف إلى رجال التصوف،لابن الزيات التادلي :54. [16]
الأسطورة المغربية، لجعفر ابن الحاج السلمي:165.[17]
- التصوف و القصص، لخالد أقلعي:22. [18]
- المغرب و الأندلس في عصر المرابطين، لإبراهيم القادري بوتشيش:22.[19]
التصوف بين الإفراط و التفريط، عمر عبد الله كامل:97.[20]
آل عمران:37.[21]
لتصوف بين الإفراط و التفريط، لعمر عبد الله كامل:98-99 .[22]
الإسطوغرافيا والأزمة، للجمعية المغربية للبحث التاريخي:28. [23]
الحركة الصوفية وأثرها، لمحمد الظريف:422. [24]
                               
الفهرسة، لابن عجيبة:16.[25]
إيقاظ الهمم، لأحمد عجيبة الحسني:317. [26]
التصوف بين الإفراط و التفريط، لعمر عبد الله كامل:100.[27]
تحفة المغترب، ببلاد المغرب، للقشتالي:37.[28]
- نفسه:50-51.[29]
- نفسه:37.[30]
- نفسه:36.[31]
- نفسه:40.[32]
- نفسه:60.[33]
- نفسه:125.[34]
- نفسه:60-61.[35]
- نفسه:159.[36]
- نفسه:34.[37]
- نفسه:23.[38]
- نفسه:24.[39]
- نفسه:38.[40]
- نفسه:79.[41]
- نفسه:81.[42]
- نفسه:80.[43]
- نفسه:30.[44]
- نفسه:189.[45]
- إيقاظ الهمم، لابن عجيبة الحسني:317.[46]
- نفسه:165.[47]
- أعمال ندوة الشيخ أحمد بن عجبية:96.[48]
- الحركة الصوفية و أثرها، لمحمد الظريف:444.[49]
تحفة المغترب، ببلاد المغرب، للقشتالي:9.[50]
- نفسه:40.[51]
- نفسه:81.[52]
- نفسه:65.[53]
- نفسه:29.[54]
- نفسه:30.[55]
- نفسه:32.[56]
- نفسه:16.[57]
- نفسه:77.[58]
- نفسه:85.[59]
- نفسه:113.[60]
- نفسه:135.[61]
- نفسه:120.[62]
- نفسه:180.[63]
- نفسه:119.[64]
- نفسه:40.[65]
- نفسه:98[66]
- نفسه.154.[67]
- نفسه:142.[68]
- نفسه:44.[69]
- نفسه:49.[70]
- نفسه:114.[71]
- نفسه:122.[72]
- نفسه:168.[73]
- نفسه:113.[74]
- نفسه:121.[75]
- نفسه:166.[76]
- نفسه:33.[77]
- نفسه:121.[78]
- نفسه:133.[79]
- نفسه:166.[80]
- نفسه:133.[81]
- نفسه:29.[82]
- نفسه:19.[83]
- نفسه:31.[84]
- نفسه:27.[85]
- نفسه:26.[86]
- نفسه:35.[87]
أبو الوليد ابن الأحمر، لعبد القادر زمامة:19.[88]
تحفة المغترب، ببلاد المغرب، للقشتالي:84.[89]
- نفسه:10.[90]
- نفسه:70-71-74-76.[91]
- المغرب و الأندلس في عصر المرابطين، للقادري بوتشيش:125-126.  [92]
المستفاد في مناقب العباد، للتميمي:168.[93]
- الأسطورة المغربية، لجعفر ابن الحاج السلمي:139.[94]
تحفة المغترب، ببلاد المغرب، للقشتالي:17.[95]
- نفسه:10.[96]
- نفسه:181.[97]
- نفسه:19. [98]
- نفسه:62.[99]
المستفاد في مناقب العباد، للتميمي:140. [100]
[101] تحفة المغترب، ببلاد المغرب، للقشتالي:9.
   
لإسلام السري، لإبراهيم القادري بوتشيش:134.                                                                                       [102]
Hagiographie et religion، Halima Ferhat et hamid tiki:18
- تحفة المغترب، ببلاد المغرب، للقشتالي:12.[103]
- نفسه:21.[104]
- نفسه:31.[105]
- نفسه:40.[106]
- نفسه:100.[107]
- نفسه:121.[108]
- نفسه:56.[109]
- نفسه:104.[110]
- نفسه:109.[111]
- نفسه:109.[112]
- نفسه:74.[113]
- نفسه:99.[114]
- نفسه:55.[115]
- نفسه:77.[116]
- نفسه:172.[117]
- نفسه:13.                                                                                                                                                                   [118]
- نفسه:67.                                                                                                                                                                   [119]
- نفسه:89.                                                                                                                                                                   [120]
- نفسه:54.                                                                                                                                                                   [121]
- نفسه:89.                                                                                                                                                                   [122]
- نفسه:65.                                                                                                                                                                   [123]
- نفسه:13.                                                                                                                                                                   [124]
- نفسه:20.[125]
- نفسه:21.[126]
- نفسه:22.[127]
- نفسه،:21.[128]
- نفسه:30.[129]
- نفسه:36.[130]
- نفسه:29.[131]
- نفسه:30.[132]
- نفسه:31.[133]
- نفسه:24.[134]
- نفسه:43.[135]
- نفسه:40.[136]
- نفسه:45.[137]
- نفسه:51.[138]
- نفسه:80.[139]
- نفسه:62.[140]
- نفسه:40.[141]
- نفسه:52.[142]
- نفسه:80.[143]
- نفسه:173.[144]
- نفسه:55.[145]
- نفسه:28.[146]
Hagiographie et religion، Halima Ferhat et hamid tiki:18 [147]
- لسانيات النص، لمحمد الخطابي:15-17.[148]
حاشية أبي العباس، لعبد الرحمان المكودي:31؛ تحفة المغترب، ببلاد المغرب، للقشتالي:19.[149]
- تحفة المغترب ببلاد المغرب، للقشتالي:23.[150]
- نفسه:35.[151]
- نفسه:50.[152]
- شرح ابن عقيل، لابن عقيل:2/376.[153]
تحفة المغترب، ببلاد المغرب، للقشتالي:47.[154]
- نفسه:48.[155]
- نفسه:144.[156]
- نفسه:38.[157]
- نفسه:35.[158]
- نفسه:39.[159]
- نفسه،:48.[160]
- نفسه:109.[161]
 -نفسه:65.[162]
- نفسه:111.[163]
- نفسه:170.[164]
- نفسه:52.[165]
- نفسه:86.[166]
- نفسه:91.[167]
- نفسه:44.[168]
- نفسه:17.[169]
- نفسه: 29.[170]
- نفسه:84.[171]
- نفسه:90.[172]
- نفسه:42.[173]
- نفسه:12.[174]
- نفسه:73.[175]
- نفسه:23.[176]
- نفسه:13.[177]
- نفسه:113.[178]
- نفسه:65.[179]
- نفسه:11.[180]
- نفسه:111.[181]
- نفسه:149.[182]
- نفسه:50.[183]
- نفسه:108.[184]
- نفسه:171.[185]
- نفسه:76.[186]
لسانيات النص، لمحمد الخطابي:32.[187]
- تحفة المغترب، ببلاد المغرب، للقشتالي:71.[188]
- نفسه:70.[189]
- نفسه:23.[190]
- نفسه:29.[191]
- نفسه:127.[192]
- نفسه:19.[193]
- نفسه:126.[194]
- نفسه:83.[195]
- نفسه:55.[196]
- نفسه،:64.[197]
- نفسه:54.[198]
- نفسه:155.[199]
- نفسه:126.[200]
- نفسه:8.[201]
- التصوف الإسلامي، لزكي مبارك:140.[202]
تحفة المغترب، ببلاد المغرب، للقشتالي:37.[203]
- نفسه:8.[204]
- نفسه:27.[205]
- نفسه:24.[206]
- نفسه:41.[207]
- نفسه:57.[208]
- نفسه:101-102.[209]
- نفسه:135.[210]
- نفسه:32.[211]
- نفسه:63.[212]
- نفسه:89.[213]
- نفسه:111.[214]
[215] les mode d écriture des manaqib maghrebine. H.Touati.p58-61
 نفسه:38-39.  [216]
- المستفاد في مناقب العباد، للتميمي:145. [217]
Le récit  de hagiographie..Zeggaf،op.cit.p52

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.